يتفق المؤرخون على أن حكم بني نبهان , إستمر خمسة قرون تقريباً 1154-1624م عرفت الأربعة القرون الأولى بفترة النباهنة الأوائل والتي إنتهت بحكم سليمان بن سليمنا بن مظفر النبهاني .
وعرفت الفترة الثانية بفترة النباهنة المتأخرين والتي إمتدت من عام 1500 إلى 1624م حيث إنتهت مع قيام دولة اليعاربة وظهور الإمام ناصر بن مرشد سنة 1624م .
والنباهنة من أصول عربية حيث سنتسبون إلى قبيلة العتيك الأزدية العمانية العريقة وقد وصفهم إبن زريق بأنهم ملوك عظام وكان من أشهر ملوكهم جوداً وكرماً الفلاح بن المحسن .
لقد أشاد إبن بطوطة آثناء زيارته لعمان بتواضع الحكام النباهنة حيث إتيح له أن يلتقي بالملك النبهاني أبي محمد الذي قال عنه : (ومن عاداته أن يجلس خارج باب داره ولا حاجب له ولا وزير ولا يمنع أحداً من الدخول إليه من غريب أو غيره ويكرم الضيف على عادة العرب ويعين له الضيافة ويعطيه على قدره وله أخلاق حسنة).
يعتبر عصر النباهنة بأنه من أكثر فترات التاريخ العماني غموضاً بسبب قلة المصادر التي تناولت هذه الفترة لكن ما وصل إلينا من معلومات يعطي إنطباعاً بأن عصرهم كان عصر تنافس وصراعات داخلية ويصعب تتبع أحداث هذه الصراعات لكن من الثابت أن تدهور الأوضاع الداخلية قد أغرى الفرس لمحاولة إحتلال عمان وأن هجوماً قام به الفرس في عهد الملك النبهاني معمر بن عمر بن نبهان لكن العمانيين تصدوا لهذا الهجوم وقضوا عليه إلا أن هجوماً آخر قد وقع سنة 660هـ/1261م في عهد الملك أبي المعالي كهلان بن نبهان بقيادة ملك هرمز محمود بن أحمد الكوستي الذي تمكن من الإستيلاء على قلهات مستغلاً الصراعات القبلية ثم مضى نحو ظفار حيث قامت قواته بنهب الأسواق ومنازل الأهالي وسبي رقيقهم وبلغ عدد السبي إثنى عشر ألفاً وحملت الأمتعة والأموال المسلوبة والرقيق إلى قلهات ثم إتجه معظم الجيش متوغلاً في داخل عمان عن طريق البر يقوده ملك هرمز بنفسه ولما وصل جيشه إلى منطقة القرى حيث جبال ظفار الشاهقة تم الإستعانة بعشرة رجال من أهل ظفار كأدلاء للطريق فلما وصلوا بهم إلى داخل عمان هربوا عنهم ليلاً وعلى حد تعبير أبن رزيق : (أصبحوا حائرين يترددون في رمال عالية وفيافي خالية) فتاهو في تلك الصحاري الواسعة ونفذ ما معهم من ماء وطعام ونفقت دوابهم من الجوع والعطش وهام ملك هرمز على وجهه في الصحراء فهلك ومعظم جيشه ومن بقي منهم قتل على يد عرب البادية إلا نفر قليل واصلوا سيرهم حتى وصلوا إلى جلفار ومنها أبحروا إلى هرمز .
أما بقية الجيش في قلهات فقد أغار عليهم رجال قبيلة بني جابر وقضوا عليهم ودفنوهم في مقابر جماعية تعرف إلى اليوم بقبور الترك .
وفي عام 647هـ/1276م وخلال حكم عمر بن نبهان أغار الفرس على عمان بقيادة فخر الدين بن الداية وأخيه شهاب الدين نجلي حاكم شيراز وعندما نزل الجيش الفارسي مدينة صحار التقى بهم عمر بن نبهان في حي عاصم بمنطقة الباطنة وظل يقاتل حتى إستشهد وثلاثمائة من جيشه وزحف الغزاة إلى نزوى التي إستولى عليها الغزاة ونهبوا منازلها وسوقها واحرقوا المكتبات وأخرجوا أهل عقر نزوى من منازلهم وحلوا محلهم ثم توجهوا إلى بهلا العاصمة الثانية للنباهنة وحاصروها إلا إنها إستعصت عليهم وخلال فترة الحصار قتل فخر الدين أحمد بن الداية وكان لقتله أكبر الأثر على معنويات جنده الذين قرروا الإنسحاب من عمان نهائياً بعد أم مكثوا فيها أربعة أشهر عاشوا خلالها فساداً وقتلاً .
وفي عام 866هـ/1462م أغار الفرس على عمان وإتخذوا من بهلا مقر لهم بعد أن طروا الملك النبهاني سليمان بن مظفر الذي فر إلى الأحساء التي إتخذها مكانا لإعادة ترتيب جنده ثم عاود هجومه على الفرس وتكن من تحرير عمان وإعادة ملكه لكن يبدوا أن إنقساماً قد وقع بين النباهنة أنفسهم لذا فقد رحل سليمان بن مظفر إلى شرق إفريقيا حيث أسس مملكة بته (بات) بعد أن ترك ولداه سليمان وسحام في عمان وإشتد بينهما الصراع على السلطة وإنتهى الأمر بإنتصار سليمان على أخيه لكن الصراع بينه وبين زعماء القبائل لم يتوقف إلى أن إختارت القبائل محمد بن إسماعيل إماماً .
ثم تجددت الصراعات مره أخرى حينما تمكن سلطان بن محسن بن سليمان النبهاني من إستعادة ملك أجداده وإنتزاع مدينة نزوى عام 924هـ/1556م إلا إنه لم يتمكن من السيطرة على داخلية عمان .
وقد بقيت البلاد تتنازعها الإنقسامات والحروب الأهلية إلى أن تمكن سليمان بن مظفر بن سلطان من السيطرة على داخلية عمان وإتخذ من مدينة بهلاً مقراً لحكمه ونجح العمانيون في صد هجوم قارس على مدينة صحار لكن ما لبثت الفتن أن أطلت برأسها من جديد ولما كانت مدينة بهلا مقراً لحكم النباهنة فقد حرص كل زعيم منهم على أن ينفرد بحكمها لذا فقد إنقسمت البلاد بين أشخاص نصبوا من أنفسهم ملوكاً على مدن وقطاعات إتسمت أوضاعها بالضعف وإمتد الصراع إلى منطقة الظاهرة التي كان مسيطراً عليها أبناء الملك النبهاني فلاح بن محسن .
لقد تناولت المصادر العمانية الفترة الأخيرة من حكم النباهنة حيث سادت الفوضى وإنقسمت عمن إلى ممالك صغيرة وتدهور الحياة الإقتصادية والسياسية إلى أن قيض الله لعمان رجلاً من بين رجالاتها تميز بكفاءة عالية ألا وهو ناصر بن مشرد اليعربي الذي إختاره أهل الحل والعقد في عمان وعقدوا له الإمامة سنة 1034هـ/1624م وبذلك بدأت عمان مرحلة جديدة من التلاحم حيث إستوعب الإمام الجديد كل تجارب وطنه وعزم النية على أن يبدأ بتوحيد البلاد على إعتبار أن ذلك هو صمام الأمان لمواجهة الخطر الخارجي المتمثل في الإحتلال البرتغالي وإستهلت عمان عصراً جديداً تميز بالشموخ والقوة .