يقال أن أول بعثة إسلامية وفدت على الصين كانت في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وكانت تتألف من ثالثة أشخاص توفي منهم إثنان أما الثالث فقد أرسى أول مسجد في الصين عرف بمسجد الذكرى كما أقيم في خانقو أول مسجد سنة 6هـ 627م كان يسمى مسجد المنارة المنورة وبذلك يكون قد إنشئ بعد مسجد قباء بالمدينة المنورة بخمس سنوات .
ويذكر الصينيون أنفسهم بأن بداية إنتشار الإسلام بينهم كان في عهد الملك الصيني تاتي نسونغ 6-30هـ فقد دخل الصين في عهده رجل من ال البيت كان أبناء لحمزة عم الرسول صلى الله عليه وسلم يصحب معه ثلاثة الآف مهاجر .
ويقال أن الخليفة عثمان بن عفان قد وصلت إلى الصين في عهد الرسول عليه السلام أو في عهد الخليفة عثمان رضي الله عنه إلا أن من الثابت أن التجار العمانيين قد لعبوا دوراً هاماً في نشر الإسلام بين الصينيين حيث إرتبط الإسلام بالتجارة وإرتبطت التجارة بالدين وكان التاجر العماني يخرج في سفينته ويغيب سنوات عديدة إلى أن يعود إلى بلاده ثانية .
وقد وصلتنا أسماء بعض التجار العمانيين الذين إرتحلوا إلى هؤلاء أبو عبيدة عبدالله بن القاسم الذي عاش في النصف الأول من القرن الثاني للهجرة وقد عاش في الصين سنوات طويلة إلى أن عاد إلى عمان وبعده بقليل وصل إلى الصين سرجل عماني آخر هو النضر بن ميمون كان يعيش قبل ذلك في البصرة وهؤلاء وأمثالهم قد أقاموا في الصين فترات طويلة بسبب نشاطهم التجاري مما إضطرهم في أحيان كثيرة إلى التزوج من صينيات مما ساعد كثيراً في نشر الإسلام .
أما الهند فقط ساهم العمانيون في فتحها بحراً منذ منتصف العقد الثاني للهجرة حيث قادهم عثمان بن أبي العاص الثقفي والي عمان والبحرين وأغار على سواحل الهند عند تانه كما وجه أخاه المغيرة إلى خور الديبل عند مصب السند عام 15هـ كذلك قام العمانيون بالتصدي للقراصنة الهنود على السواحل الإسلامية وفي جنوب شرق آسيا كان التجار العمانيون يقيمون في المدن الكبرى ويؤسسون المراكز التجارية الهامة مما أتاح لهم فرصة الإحتكاك المباشر بأهل البلاد ولم ينشر التجار العمانيون الإسلام في أرخبيل الملايو فحسب وإنما وصلوا بتجارتهم وإسلامهم إلى جزر الهند الشرقية وتذكر المصادر إن شيخاً عمانياً عاش في بلاد الزنج (سومطرة) وتمكن بحكمته وبعد نظره من أن يجبر ملكها على أن يعامل المسلمين معاملة خاصة .
وقد عثر في شبه جزيرة الملايو على مابر قديمة للمسلمين تحمل نقوشاً عربية وخصوصاَ في جاوه يرجع تاريخ هذه النقوش إلى عام 475هـ أما المليبار فقد عرفت الإسلام عن طريق جماعة من التجار المسلمين في عام 200هـ , يقال أنهم من عمان وحضرموت وقد أسلم ملكها وتوفي أثناء عودته لبلاده من رحلة إلى الحجاز ودفن بظفار ويذكر أبن بطوطة إنه شاهد أثناء زيارته لمدينة فندرينا بالمليبار سنة 742هـ ثلاثة مساجد مقامة بها وكان قاضيها وصاحب الصلاة فيها رجل من أهل عمان , وكما إنتشر الإسلام في هذه البلدان على يد تجار كان أغلبهم من التجار العمانيين فإنه إنتشر أيضاً في شرق إفريقيا بنفس الإسلوب .
لقد إرتبطت عمان بشرق إفريقيا تجارياً منذ عصر ما قبل الإسلام وأقام العمانيون العديد من المراكز التجارية ويؤكد مؤلف الدليل الملاحي للبحر الإريتري كثرة السفن العربية القادمة من شبة الجزيرة العربية وخصوصاً من عمان على الساحل الشرقي لإفريقيا كما يتحدث عن إختلاط العرب وتزاوجهم من القبائل الإفريقية لم يتوغل العمانيون كثيراً قبل الإسلام داخل اليابس الإفريقي فقد إكتفوا بالإستقرار على سواحلها الشرقية وإقامة المراكز التجارية وعملوا على مقايضة الأفارقة فكانوا يحملون إليهم منتجات الهند والصين في مقابل العاج والذهب وبقيام الدولة الإسلامية تغير الوضع فقد مر أهل عمان في العصرين الأموي والعباسي بظروف سياسية قاسية دفعتهم إلى الهجرة إلى شرق إفريقيا والإستقرار هناك وبناء إمارات عمانية إسلامية .
ويسجل مطلع القرن السابع الهجري هجرات عمانية جماعية إلى شرق إفريقيا قاد هذه الهجرات التي تعد من أكبر الهجرات العمانية سليمان بن سليمان من مظفر النبهاني وأستقبله العرب في بات إستقبالا رائعاً وتزوج سليمان بن أميرة سواحيلية هي إبنة الملك إسحاق من سلالة الشيرازيين من مملكة كلوه , وتنازل إسحاق عن الحكم لسليمان الذي أصبح أول حكام أسرة بني نبهان في الساحل الشرقي لإفريقيا وضمت مملكته قسمايو وبراوه ومقديشيو وظلت هذه الأسرة تتعاقب الحكم حتى عام 1157هـ/1745م .
ويسجل التاريخ للعمانيين الفضل الأعظم في صهر الأجناس المتعددة التي كان يتكون منها المجتمع في ساحل شرق إفريقيا في بوتقة الحضارة الإسلامية فبتزاوج العمانيين المهاجرين بأهل البلاد من الإفريقيات إمتزجت الدماء والنظم والأذواق إمتزاجاً ظهرت آثاره في أجيال يتسم أفرادها بسمات عقلية وجسمانية قريبة الشبه بالملامح العمانية وعرف هذا العنصر الجديد بالعنصر السواحيلي الذي كان يتكلم باللغة السواحيلية ويدين بالإسلام عقيدة وإسلوب حياة .
وإذا كان العمانيون لم يتوغلوا كثيراً داخل القارة الإفريقية في عصر ما قبل الإسلام كما سبق القول إلا إنه من الملاحظ إنه منذ العصر الإسلامي والعمانيون يمتدون في عمق القارة الإفريقية ونتيجة لذلك إنتشر الإسلام بين قبال الجلا الذين إستوطنوا الحبشة ولم يتوقف المد الإسلامي الذي راح ينتشر حتى منطقة البحيرات الإستوائية من خلال توافد العمانيون والحضارمة حتى شاع المثل السواحيلي القائل (إذا دقت الطبول في زنجبار تراقص الناس طرباً في البحيرات الإستوائية ) .
ويسجل البرتغاليون تلك المظاهر الحضارية الرائعة التي وجدوها على ساحل إفريقيا أثناء مقدمهم مع بداية القرن السادس عشر حيث يعترف الرحالة البرتغالي دوراراث باربوسا قائلاً : ما إن وصلت سفن فاسكودي جاما إلى سفالة حتى فوجئت بما لم أكن أتوقعه فقد وجدنا موانئ تطن كخلايا النحل ومدناً ساحلية عامرة بالناس وعالما تجارياً أوسع من عالمنا كما وجدنا من البحارة العرب رجالاً عبروا المحيط الهندي ويعرفون دقائق مرافئه وسجلوا هذه الدقائق في خرائط متقنه لا تقل فائدة عما كانت تعلمه أوروبا .
وإذا كان إنتشار الإسلام هو أهم النتاج التي حققها الوجود العماني في شرق إفريقيا إلا أن نتائج رائعة تحققت في المجالين الإقتصادي والإجتماعي وشاعت الطرز الفنية الإسلامية في المنشآت المعمارية والزخارف والنقوش .
ومن الملاحظ أن حركة إنتشار الإسلام في المناطق الداخلية إزدادت قوة مع نهاية العصور الوسطى عندما بدأ الغزو البرتغالي للمنطقة فقد ترك المسلمون السواحل أمام العمليات الوحشية التي مارسها البرتغاليون ولجأوا إلى الداخل مما ضاعف من نشر الإسلام بين القبائل الإفريقية .
ومع منتصف القرن الثامن عشر وخصوصاً في عصر الدولة البوسعيدية راح الإسلام ينتشر لأول مرة في مناطق جديدة في أوغندا وأعالي نهر الكونغوا ورواندا وبوروندي فضلاً عن المناطق الداخلية في تنجانيقا وخصوصا منذ أن أصبحت زنجبار مركز إشعاع إسلامي وحضاري منذ أن إتخذها السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي حاضرة الحكم العماني في شرق إفريقيا عام 1238هـ/1832م .
وعن هذه النقلة الحضارية الهائلة في شرق إفريقيا يحدثنا أحد العاملين في حقل الدعوة الإسلامية عن إنطباعاته حينما زار شرق إفريقيا في عام 1392هـ/1973م فيقول : ما يزال الإسلام هو الدين السائد في زنجبار كلها التي تتميز عن سائر مقاطعات شرق إفريقيا بظاهرتين أولها بروز المظاهر الإسلامية في شتى أنحاء الجزيرة وثانيهما الطابع العربي في مظاهر المدينة الخارجية كالمباني والطرقات ويعود ذلك إلى أصالة الإسلام في سكانها بصورة تكاد تشمل جميع السكان على إختلاف أجناسهم ومما يعني عن الإسهاب أن زنجبار وشقيقتها بيمبا تضمان على صغرهما 375 مسجداً أي أن لكل مائة شخص مسجد واحداً بإستثناء النساء وقد كانت زنجبار وفي زمن ليس ببعيد منتدى إفريقيا الشرقية فقد كانت تلقى الدروس في أورقة المساجد على يد نخبة من الرجال الافذاذ الذين بلغوا أعلى المستويات العلمية .
لقد إنتشر الإسلام في عهد البوسعيدين عن طريق قوافل التجار العمانيين القادمين من زنجبار والمدن الساحلية الأخرى ومن أهم الدعاة العمانيين الذين أوصلوا الإسلام إلى أوغندا الشيخ أحمد بن إبراهيم العامري الذي وصل من زنجبار إلى بلاط الملك سنا في مملكة بوغندا ويعتبر وصول هذا الداعية العماني بداية لدخول الإسلام إلى أوغندا .
وتشير المصادر المحلية والأجنبية إلى موقف الشيخ أحمد العامري من الممارسات الهمجية والوحشية التي كانت تتمثل في قتل وسفك دماء الأبرياء من رعايا ملك بوغندا تمشيا مع الطقوس الوثنية الأفريقية التي كان يعتنقها أهل بوغندا وعلى رأسهم الكباكا وهو الملك . وتصادف أثناء وجود الشيخ أحمد العامري أن أصدر الملك أوامره بالقيام بهذه المذبحة فما كان من الشيخ أحمد إلا أن وقف متحدياً وسط دهشة الحضور مخاطباً الملك قائلاً (إن هؤلاء الرعايا الذين تسفك دماءهم كل يوم بغير حق إنما هم مخلوقات الله سبحانه وتعالى الذي خلقك وأنعم عليك بهذه المملكة ).
وكانت دهشة الحاضرين أقوى عندما تميز الملك بضبط النفس وأجاب الشيخ أحمد بأن آلهته هي التي منحته هذه المملكة ودار حوار طويل قلب تفكير الملك لدرجة إنه طلب من الشيخ أحمد أن يعلمه شيئاً من الإسلام وتشير المصادر بأن الشيخ أحمد إستطاع أن يعلمه أربعة أجزاء من القرآن الكريم بعد أن أعلن الرجل إسلامه وهكذا إنفتح الباب على مصراعيه ليمهد الطريق أمام إنتشار الإسلام في أوغندا والمناطق المجاورة .