حرفة تربية ورعي الإبل والإعتناء بها هي إحدى المهن التقليدية العمانية التي تنتشر في نختلف قرى وولايات السلطنة ، ومنذ القد توارث العمانيون هذه المهنة الكريمة التي جاء ذكرها في القرآن الكريم ( أو لو يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاماً فهم لها مالكون ، وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون ، ولهم فيها منافع ومشارب أفلا يشكرون ) " سورة يس الآيات 73.72.71 " وتتميز الهجن العمانية أنها متوسطة الحجم ، قوية الأطراف ، سريعة الحركة ، جميلة الشكل . أما ألونها فتختلف بإختلاف المناطق ، ففي محافظة ظفار في جنوب السلطنة يكل لون الهجن العمانية للسواد ، أما في شمال السلطنة ، فيغلب عليها اللون الأحمر ، والأشقر ، والأصفر والأبيض . والهجن العمانية ، بصفة عامة ، يمكن تصنيفها كإبل متعددة الأغراض ، فهي تصلح للركوب أو السباق ، كما يتم تربيتها للحمها أو حليبها ، ويحرص العمانيون ، على هذه الحرفة ، بعد أن أصبحت ادر عليهم دخلاً عالياً ، خاصة تربية أبل السباق ، حيث يصل سعر الواحدة منها إلى ما يزيد على 75 ألف ريال عماني . وتختلف تربية أبل السباق عن الإبل التي تعد النقل والترحال ، فالأولى تقدم إليها أغذية خاصة ، كعسل النحل والسمن وحليب البقر ، وهي جميعها محلية ، وتحظى كذلك بعناية خاصة ، من حيث نظافتها ومتابعة حالتها الصحية بشكل يومي . وهناك أربع مراحل هامة لإعداد الناقة لتكون من إبل السباق وهي :
1) إختيار الناقة 2) مرحلة الترويض 3) مرحلة التضمير 4) مرحلة التأهيل للسباق
وفي إطار الإهتمام السامي ، لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس المعظم ، للمحافظة على التراث العماني ، والذي تلعب فيه الإبل دوراً بارزاً ، فقد تم إنشاء المديرية العامة لشئون الهجن التابعة لديوان البلاط السلطاني في عام 1989م ، في ولاية بركاء بمنطقة الفليج مجهزة بمضامير سباق حديثة ، وحظائر خاصة بالهجن ، على أحدث المواصفات المتوفرة في هذا المجال ، تاكيداً لأصالة هذه الحرفة ، ومكانتها عند العمانيين . وتنظم المديرية العامة للهجن المشاركة في الإحتفالات الوطنية ، والمناسبات المختلفة ، وإقامة سباقات الهجن ، وركض العرضه التقليدي . ويشرف قسم التوليد بالمديرية ، على عمليات توليد وتربية الهجن ، التي تتم وفق برامج معلومة ، حيث تحشد النوق الأصائل ليتم تلقيحها من الذكور المختارة والمنتقاة لهذا الغرض ، وتحدد سنوياً الأعداد المطلوبة للتوليد ، على ضوء الإحتياجات المستقبلية ، وبناء على المعلومات الخاصة بالمواليد ، يتم إصدار شهادة الميلاد لكل مولود .
ويتم البدء بتدريب الهجن عادة في السنة الثانية من عمرها (الحشوان) ، وتستعمل العديد من الأساليب . في عملية الترويض ، والتي تبدأ بتقييد الناقة (البكرة) لفترة من الزمن ، حتى تتعود على الهدوء والإستقرار . وبعد هذه المرحلة ، يتم تعليمها الجلوس والإنقياد والركوب ، وعملية القلص مع الإبل الأخرى ، ومن ثم يتم تدريبها على الركض الخفيف ، وبالتدرج المعقول ، حتى تصل إلى الركض الشديد ، بما يتناسب مع قدرات كل ناقة ، ويسغرق هذه المرحلة حوالي 9 أشهر ، وفي نهاية هذه الفترة يتم تصنيف الإبل حسب صلاحيتها ، وتبدأ عملية التدريب التي تسمى محلياً بعملية التضمير الذي يعني التخسيس في المقام الأول ، عادة في شهر يوليو ، وتستمر حتى نوفمبر . وتعقبها مرحلة التفحيم التي يقصد بها مجموعة من التمارين والركض لمسافات مختلفة ، بهدف إكتساب اللياقة ، والإستعداد لخوض السباقات وفترة التفحيم ، وقد تمتد من شهر أغسطس وحتى نهاية شهر إبريل ، والتفحيم عادة يسبق إقامة السباق ، يحث يتم تدريب الجمل ، في بادئ الأمر سيراً لمسافة خمسة كيلومترات يومياً ، لمدة شهر ، وثم إلى مسافة 7 كيلومترات ، وأخيراً مسافة 10 كيلو مترات ، وهو عبارة عن سير خفيف بعد هذه المرحلة ، يبدأ تمرين الجري السريع ، من مسافة كيلو متر واحد في بادئ الأمر ، ولغاية خمسة كيلومترات ، لفترة معينة . بعد هذه الفترة التدريبية ، تصبح الناقة جاهزة لخوض السباقات . وطريقة التضمير والتفحيم تختلف من مضمر لآخر ، ولكن تبقى الفكرة الأساسية متشابهة بين المضمرين وهي أن يكون التمرين بالتدريج ، من الأسهل إلى الأصعب ، وتقام في السلطنة ، العديد من السباقات الخاصة بالإبل في مختلف المناطق والمحافظات ، خاصة في مناسبات الأعياد الدينية والمناسبات الوطنية .
وتشتهر السلطنة بوجود مجموعة من الإبل المميزة ، والتي يطلق عليها الأصائل بناء على مواصفات وخصائص معينه ، إرتضها القبائل العمانية ، وتأتي في مقدمة الأصائل (سمحة وعرجة وفرحة وبويصة وخميسة ومصيحة وشهبار) ، ويزيد عدد الإبل بالسلطنة على مائة ألف رأس ، وقد أثمرت جهود الحكومة في السنوات الأخيرة ، عن تنامي الإهتمام بتربية إبل السباق ، بعد أن أصبح لها دور كبير في زيادة الدخل ، وبالتالي رفع مستوى المعيشة لفئة مربي الإبل في السلطنة .